من وحي تاريخ الظلامة
أمـة أقـرأ لا تـقرأ.؟
قبل الشروع بكتابة الموضوع لا بد لنا من وقفة تمهيدية قصيرة نُعرف فيها
معنى (القراءة ) وماهيتها ومن ثم الغاية
أو العلة من ورائها.؟؟
فالقراءة فعل ابداعي متكامل الأوجه
يختص بقدرات العقل النوعي البشري تحديداً..
اذ يعمل على تنمية ملكة اكتساب المهارات العلمية وتوسيع دائرة الآفق المعرفي لدى
الأنسان، لتمنحه خصوصية مكتسبة فريدة من نوعها تميزه عن باقي المخلوقات الأخرى...
اما غايتها أوالعلة من ورائها، فتفصح
عن ذاتها بالشكل الآتي.. مع فعل القراءة
تبدأ عملية التفاعل الخلاق واكتشاف الحقائق واعادة انتاج كل ما هو مقروء عبر آليات عمل علمية دقيقة تخضع
فيها المادة الآتية عن طريق الكتب والمؤلفات المطبوعة.. لمبدأ البحث الدائم والأستقصاء المستفيض .. كذلك
تعمل على سد الثغرات الناتجة عن اشكالية طرح الاسئلة المثارة.. التي يثيرها ويطرحها
بالعادة عقل المطالع (القارئ الحر) خصوصا أثناء تجواله بين طوايا الكتب.. وفي
نهاية المطاف تمكن السالكين والباحثين عن الحق من الوصول الى غايتهم المرجوة وهدفهم
المنشود بامتلاك نواصي المعرفة عبر معلومة صحيحة وبناءة... يتعاطى ويتفاعل معها
القارئ بكل يسر وسهولة.. لتتحول فيما بعد الى قاعدةً معلومات بيانية رئيسية تكبر
وتتوسع شيأ فشيأ.. فتصبح نقطته المركزية الأولى.. ومحوراً لجل اهتماماته على صعيد الكم
النوعي وليس العددي.!.. لتمكنه لاحقاً من الارتكاز والوقوف على خزين معرفي ثر،
ينهل منه باستمرار وبثقة كبيرة بما يوافق عقله السليم و وجدانه الحر.
ومن خلال هذه المقدمة التعريفية التوضيحية نكون قد تمكنا من تأسيس أرضية
ومدخلاً لموضوعنا المراد طرحه الآن.. الذي نسلط الضوء فيه مباشرة على حقيقة واقعية
معاشة وآفة نعاني من تبعاتها داخل منظومة مجتمعنا وأجياله المتلاحقة.؟ المتمثلة بتلك
الجفوة المفتعلة بين الأنسان و( القراءة ).! جفوة مختلقة دفعت الناس دفعاً للعزوف عن
تكليفها الشرعي المنصوص عليه في سورة العلق { أقرأ بأسم ربك الذي خلق}(1) لماذا نقرأ.؟ لكي نحصل على المعلومة الصادقة
الجلية ولكي نفهم معانيها، ومن أين.؟ من مصدرها ونبعها الصافي الحقيقي الفياض،
الذي أمرنا الله بالتوجه اليه { فأسالوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون}(2) فمن
غيرهم (محمد وآل محمد.؟؟) نتوجه اليهم لكي نسأل. أوليس هم القرآن الناطق والذكر
الأكبر والنور واصل الوجود.؟
لكن كما يبدو أن الأمة أنحرفت عن
هذا الأمر الألهي والتوجيه الرباني فحدثت هذه الجفوة المفتعلة. أما سبب أنحرافها
فلم يأتي أعتباطا أو من فراغ.؟ انما جاء كنتيجة حتمية لتراكمات سيناريو مكيدة وخطة
مُبيتة وممنهجة بعيدة المدى وضعت قيد التنفيذ منذ بدايات البعثة النبوية
المشرفة.!؟
فاذا تتبعنا معاً جذور هذه المكيدة، وتعرفنا على أسبابها ومحفزاتها لوجدنا
أصل بذرتها أبليسية النشأة نبتت وأينعت داخل نفوس أمارة بالسوء، خصوصاً ممن أدعى
أنتسابه الى أمة محمد والأسلام، لكنه لـم يؤمن قط ولو للحظة واحدة بحقيقة وسر خاتم
المرسلين نبينا محمد صلوات الله عليه وآله ولا بدعوته.؟
أنما سار على منهج التعايش معها وأستثمار المرحلة الى حين سنوح الفرصة المواتية
له، ليظهر حسده وضغائنه المخبؤة وما عقدتهُ عليه نفسه التي جُبلت على الكفر والنفاق.
فينْقض على الرسالة وأهلها بعد ذلك.؟
لذا عمدو للعيش متخفين بجلباب الدين متبرقعين بأحاديث الصحبة وتحت شعار
التقوى والصلاح والورع، الى ان حانت الفرصة وبداو عملية تغيب حقائق الأسلام الجلية
وطمس شموسها الواضحة.؟ وانتحلو زوراً صفات أهلها الأصليين تحت عناوين شتى.؟ مثل مسرحية
( المحافظة على الأمة من الأختلاف والضياع) وهم آس البلاء والضياع. وقصة جمع
القرآن وأحاديث الرسول صل الله عليه وآله وسلم وحرقها على يد أبو بكر أبان فترة
حكمه تملأ كتب التاريخ والسيرة.؟ ثم أعقبه صاحبه عمر وسار على نهج الأول فحرق
القرآن ومنع التدوين مع تشديد العقوبة على كل من يروي حديث سمعه عن النبي.؟ وكما
يبدو ان الأمة قد تناست افعالهم النكراء.؟ طبعاً حفاظاً على كرامتهم ونسيت كذلك ان لولا أنقلاب وأغتصاب أبو بكر وصاحبه
عمر حق أصحاب الدين الشرعيين.! لما أختلفت الأمة بعد وفاة نبيهم .؟؟ لكن الأمة
صمتت واثرت الدعة و السلامة فسارت على خطى السلف راضية مرضية قانعة وأبت القرأءة
فصارت أمة أقرأ لا تقرأ.
وقف النبي صلوات الله عليه وعلى آله ذات مرة ضمن عديد مراته مذكرا منبهاً
ناصحا محذراً، قائلاً لأمته:{ ستحذون حذو الأمم التي سبقتكم حذو النعل بالنعل.} (3) وقال: كذلك { أني تارك فيكم الثقلين كتاب
الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهم }(4) فقالو معاذ الله اويكون ذلك منا.!! قال: نعم
ستختلفون الى فرق كلها في النار عدا واحدة. قال: نعم يكون منكم ذلك وستقتلون عترتي
أهل بيتي.!؟ فأنزل الله آية في القرآن تقرأ
صباحاً مساءاً الى يوم يبعثون { قل لا أسئلكم عليه آجر الا المودة بالقربى } (5) لكن أمة أقرأ تأبى أن تقرأ.
فما أن ألتحق بالرفيق الأعلى روحي
له الفدا، حتى أنقلبت الأمة على دينه وأهل بيته وعطلت قرآنه، وبدأت رحلة تقديم
القرابين لأهل البيت تتوافد على الله.؟ الواحد تلو الأخر.؟
فأسقطت الزهراء جنينها بعد ان عصرت خلف الباب.؟ وغصبو أرثها من أبيها (فدك)
وكسرو ضلعها والأمة واقفة صامتة خانعة تنظر لبضعة أبيها ووحيدته يغتصب حقها ويقتل
وليدها ويحرق دارها .؟؟؟ وكأن الدنيا خلت من مسلمين وأسلام.! وصاحب الرسالة
والشريعة لم يجف تراب قبره بعد.؟ وهاكم هذه الحقيقة الواضحة التي جسدتها فاطمة
الزهراء عليها السلام في أبيات ترثي بها حالها بعد وفاة النبي وتختزل كثيرا من
الشرح
ماذَا عَلى المُشْتمّ تُرْبةَ أحمدٍ
أن لا يشمّ مدى الّزمان غِواليا
قُلْ للمُغيب تحت أطباق الثرى إن
كُنت تسْمعُ صرْختي وندائيا
صُبّتْ عليّ مِصائبٌ لو أنّها صُبتْ
على الأيام صـرْن ليالـيا
قد كُنْتُ ذات حمىً بظل محمدٍ لا
أخْشى منْ ضيْمٍ وكان حمىً ليا
فاليوم أخْضعُ لـلذليل وأتـقي
ضيْمي وأدْفعُ ظالمي بردائيا
فاذا بـكتْ قـُمْريةُ فـي ليْـلها
شجناً على غُصْنٍ بكيْتُ صباحيا
فلأجعلن الحزُن بعْدك مُؤْنسي
ولأجعلن الدمْع فـيك وشاحيا ( 6 )
هذا ما فعلت أمة محمد (بآل محمد) وما جرى عليهم من ظلم وترويع على يد فسقة الأمة وطواغيها.؟ وسرعان
ما افصحو عن نواياهم حين أخرجو صحيفتهم التي تعاقدو وتعاهدو عليها في مكة عند الرخامة
الحمراء.(7) التي
كتب فيها،اذا قتل محمد صلوات الله عليه وعلى آله.هكذا جاء في صحيفتهم المشؤمة فقط
أسمه من دون لقب أو صلاة عليه.؟أذا قتل محمد أو مات، لا يئول الأمر الى وصيه علي
بن أبي طالب عليه السلام، الذي نص عليه بالقرآن ودل عليه النبي بأحاديثه طول فترة
دعوته.؟ لكن أمة أقرأ لا تقرأ.!
وما ان التحق صاحب الرسالة بالرفيق الأعلى حتى تنكروا للنبي وعترته الطاهرة
فنهض أصحاب الصحيفة لهذا الأمر رافعين راية الأنقلاب وأظهروا ناب الحقد والأنشقاق،فهضم ابن أبي قحافة حق وصي
المصطفى المختار.؟
وتبعه صاحبه يلطم خد أبنته الزهراء ويحرق دارها ويسقط جنينها.؟ هذه الذي
قال في حقها رسول الله صل الله عليه وعلى آله { من أذى فاطمة فقد أذاني }(8) فماتت واجدة تدعو على أبن أبي قحافة وأبن
صهاك في كل فريضة ونافلة فكانت أسرع الناس
لحوقاً برسول الله. وأمة الأسلام ساهية
لاهية تشرب المرارة من عيون السلف والصحابة الكدرة.؟ وتترضى عليهم وتتبرك بأفعالهم
.؟؟والسبب ان أمة أقرأ لا تقرأ.!
ثم واصلت عائشة مشوار أبيها بعد هلاكه هو وصاحبه وفق برنامج وخطط أعدت مسبقا
منذ أيام تلك الصحيفة، نابذتاً جاحدتاً كل وصايا خاتم الأنبياء والمرسلين وتحذيره
المستمر.!؟ حين قال لها النبي بعد ان ضرب على ظهرها محذراً زاجراً أياها امام جمع
من أزواجه { اياك أن تنبحك كلاب الحوأب } يا عائشة(9) ثم قال: {من هنا يخرج قرن الشيطان} رددها
ثلاث مرات.؟ فأنزل الله في ذلك آية { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية
الأولى } (10) لكنها أبت فأستكبرت عناداً وتجبراً وراحت
تجيش الجيوش وتقود الحروب.!؟ تؤلب ألأوباش والمنافقين على وصي النبي الأكرم فقادت جيش
جرار قوامه عشرون الف شيطان، في موقعة الجمل وهي ترتجز وتنادي من يقتل على بن أبي
طالب.ّ؟؟ من يأتي برأسه.؟؟حتى قتل عند قوائم جملها عسكر العشرات.؟
وكما فعلت (صفراء بنت شعيب) زوجة موسى عليه السلام عندما خرجت على وصيه(
يوشع بن نون) فقالت: أنا أحق منك بالأمر، فقاتلها فقتل مقاتليها وأسرها فأحسن
أسرها.(11) وهذا ما فعله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه السلام مع عائشة. قاتلها فقتل مقاتليها وأسرها فأحسن أسرها وأعادها الى
المدينة بصحبة أخيها محمد بن أبي بكر معززة مكرمة. فما ان سمعت خبر أستشهاد أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه خرت للأرض ساجدة شاكرة فرحة بهاذا
الخبر.؟؟ لكن أمة أقرأ لا تقرأ.؟
ولم تكتفي بذلك، فبعد أعلان الحرب هي وأبيها.؟ على محمد وآل محمد وأستشهاد
فاطمة الزهراء عليها السلام. وحربها ضد وصي النبي أبا الحسنين.! قامت ومنعت حفيد النبي و ابن
فاطمة الزهراء وعلي المرتضى، الأمام السبط وسيد شباب أهل الجنة (الحسن بن على بن
أبي طالب) المجتبى عليه السلام من أن يدفن عند جده رسول الله وخرجت على بغلة
تستنهض عزائم أشباه الرجال أمثال اللعين مروان أبن الحكم ومن هم على شاكلته، يرمون
نعش الأمام بالسهام.؟ أستكمالا لسيرة ونهج أبيها.. وأمة أقرأ غافية لا تقرأ.؟
وبعد كل ذلك قاموا وسطروا في دهاليز تاريخنا الأعور مقولة صلعاء شنعاء
مفادها أن خذو نصف دينكم عن عائشة.؟ فبعد الذي ذكرناه ماذا ناخذ منها يا ترى.؟ لذا
تركنا لكم الجمل بما حمل.!! خذو وستزيدو من علمها ، فلا خير بدين ولا شريعة
تتقاذفها مزاجية صفرا بنت شعيب وحميراء بنت زريق.!!
وماذا عن النصف الثاني من ديننا من أين ناخذه.؟ يأتي الجواب الجاهز والمعلب
بطريقة فاخرة ومنمقة بالتأكيد من( الصحابة) ومن هؤلاء الصحابة يا ترى.؟؟
هم اصحاب الصحيفة المشؤمة الملعونة التي تعاهدو وتكاتبو فيها على محاربة
محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين. وهدفهم الوحيد هو اقصاء علي بن أبي طالب
عليه السلام وذرية علي البررة الأطهار...
عن ابن عباس، أن رسول الله صل الله عليه وآله
وسلم قال:( المخالف لعلي بعدي كافر والشاك به مشرك مغادر والمحب له مؤمن صادق،
والمبغض له منافق، والمحارب له مارق، والراد عليه زاهق، والمقتفي لأثره لاحق).(12)
قال الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي
المروي أن ( ولاية علي بن أبي طالب حصني.. فمن دخل حصني آمن من عذابي). (13)
فالويل كل الويل لمن كان خصمه يوم الفصل محمد وآل محمد، الويل كل الويل لمن
كان خصمه علي المرتضى وفاطمة الزهراء يوم
لا ينفع الندم..
المصادر:
1-القرآن سورة العلق الآية 1
2- القرآن سورة النحل الآية 43
3- رواه أبو داود في كتاب السنة باب شرح
السنة رقم الحديث 4596
4- أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده رقم
الحديث10720
5- القرآن سورة الشورى الآية 23
6- روى الشيخ يوسف الشامي في كتاب الدر
النظيم هذه الآبيات لمولاتنا الزهراء بعد وفاة ابيها النبي صلوات الله عليه وعلى
آله وسلم.
7- كتاب سُليم بن قيس الهلالي باب الصحيفة
الملعونة.
8- البخاري الجزء الرابع كتاب بدء الخلق باب
منقبة فاطمة عليها السلام.
9- شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد المعتزلي
الجزء الثاني صفحة77.
10- القرآن سورة الاحزاب الآية 33
11- كتاب كمال الدين للصدوق الجزء الأول صفحة
38.
12- بحار الأنوار الشريف للعلامة المجلسي.
13- بحار الأنوار الشريف للعلامة المجلسي.