تهافت السلطة والمعارضة على
طمس الحقائق وتعميم ثقافة الكذب ؟



في قراءة هادئة ومتآنية لطبيعة الأحداث الأخيرة التي عصفت بمنطقتنا والعالم أجمع، وبعيدا عن لغة الحوار المتشنج والأفكار والأطروحات الفضفاضة، والكلمات المطاطية القابلة للأنكماش والتمدد حسب حالة العرض والطلب في بورصة الأجندات ودهاليز العمل السياسي.
وقريباً من واقع متأزم أنعكس بصورة طبيعة وحتمية على مجمل حياتنا ، وما رافق هذا الواقع المأزوم من جنوح شديد وبوتيرة متسارعة نحو العنف والخراب الأخذ بالأتساع وهو يلف أجواء المنطقة برمتها وبحدودها المعروفة من الماء الى الماء وما نتج عنه من تغير درامي حاد وغير مسبوق خصوصاً على الصعيدين السياسي والأجتماعي.
وما صاحب هذا التغير من موجة هستيرية وفوضى مكثفة وهلع شديد، شكل منعطف تاريخي مهم ومفصلي في حياة الأمة، أذ راح يفرض نفسه على الجميع بقوة طاغية ملفته للنظر لتنقاد على أثره أفواج البشرية خلف سرابه كالسكارى وما هم بسكارى.
يقودهم مرغمين نحو وجهة جديدة مختلفة ومن نوع أخر.؟ دفعت بهم دفعاً أفراد وجماعات على أستكشاف ملامح دروب وطرق غريبة لم تطأه أقدام الأغلبية ، طبعاً علينا الأعتراف أن هذه الدروب موحشه وذلك لقلة سالكيه
طريق مختلف ضبابي كما يبدو للوهلة الأولى، لكنه طريق حقيقي موجود وثابت لا يقبل التجزئة بمشارط المتآولين أصحاب التآويلات المفبركة و التفسيرات المشوشة المبثوثة على مسامعنا.! والواقعة دوما تحت بند (هلوسات المتخبطين والمتلونين) 
الذين يطلقون فقاعاتهم التشويهية بوجوهنا دفعة واحدة على شكل أفتراءات  ومغالطات سمجة يقدمها مجموعة من المحللين البهلوانين المنتشرين على قوائم محطات البث الفضائية وكتاب الصحف الحكومية والحزبية المزروعين مثل أكشاك الصحف والسكائر .
المصطفين على أمتداد قارعة تلك الأرصفة المغبرة فتلتقطهم أو تنتقيهم القنوات المرئية والمقروءة حسب الحاجة ونوع الموضوع الذي يراد طرحه.؟ فهم أصحاب دربة ودراية بفنون التدليس والاعيبه وطرائقه الملتوية وأحتيالته الكلامية ومن الطراز الأول على غرار البخاري وجوقة رواته.؟
ليطلُ علينا برؤسهم الثعبانية أفراد وزرفات ينفثون هلوسات فارغة وسموم قاتلة بعبثية وصلافة مقيته وتحديداً عند أشتداد الأزمات وفي احلك الظروف سوداوية لتمتد وتزداد قتامة واقعنا وصورته المشوشة مع هولاء الى ما لا نهاية.
يتقاطرون على تلك القنوات أفواجاً أفواجاً... تلتمع جباههم الخاوية تحت أضواء الأستوديوهات الساطعة .. تتوهج وتتسع حدقاتهم مع كل صرة دراهم تلوح بالأفق ينثالون علينا يتبارون أمامنا مستعرضين مهارتهم في لوي عنق الحقيقة ومحاربة الحق وأهله.
فهولاء ياسادة هم سحرة هذا الزمن الخؤول... يستخدمون نفس أسلوب الساحر والاعيبه مع أختلاف بسيط جداً فالأول يستخدم خفة يديه والثاني يستخدم خفة ضميره.!؟ وهدفهم الوحيد الذي يركزون عليه هو تحويل الأنظار عن لب وجوهرالموضوع الأهم وقضية القضايا الكبرى وأصل الوجود المتمثل بذلك الثابت الوحيد الحقيقي في زمن المتغيرات.
فكل شي قابل للتحرك والتحول الا (بقية الله) وهو صاحب العصر و الزمان الحجة أبن الحسن صلوات الله عليه وعلى أبائه البررة الأطهار.لأنه كما قلنا الثابت الأوحد الذي لا يقبل التغير أو التحويل. لكننا نجد ان الغالبية العظمى تطوي نفسها كشحا عن هذه القضية.؟ وهي الأهم.
التي يقوم عليها كل وجودنا بل هي مرتكزنا الأنساني الأوحد وعنوانه الأكمل .؟؟ ولكن مع هولاء الجوقة نجد ان الآية مقلوبة.؟؟ وبدل التركيز عليها وتعميمها بصورة أكبر وأشمل نلاحظ سعيهم الى لوي عنق الحقيقة عقوقاً وجحوداً من جانبهم بصورة مستمرة فمن أجل ماذا ياترى.؟؟ الجواب لكي يتسيدو الساحة الأعلامية أطول فترة ممكنة.
 يندفعون بأصرار على أخفاء الحقيقة بعناد منقطع النظير فخطاباتهم الرنانة والنارية جاهزة دوماً للأستهلاك التلفزيوني التي تلبي بالعادة رغبات وأهوى أصحاب الأجندات.!!؟ حديثهم يشبه الى حد ما مطاعم الوجبات السريعة فهي مفتوحة في أي وقت تشاء وعلى مدار الساعة منتشرة في كل مكان ، طبعاً بعد ان يضاف لهذه الأطباق الخطابية الجاهزة تتبيلة متنوعة من العبارات الطنانة والتصريحات المفذلكة. التي يدسها المحلل العبقري بين طيات الكلام مع تطمينات باردة هنا أو تحذيرات شديدة وساخنة هناك،أو بأضعف الأيمان يقدم تفاؤل خجول مبهم لا يغني ولا يسمن من جوع.
أنما تتسع وتتشعب معه دائرة الحيرة عند الكثيرين وتكبر قاعدته لتحيل حياتنا فيما بعد الى دوامة من الكذب الممنهج المركز المفتوح على التشتت والضياع.
هذا هو واقعنا المريرالأن بكل تجرد.! ونحن نعيش أوج ارهاصته وتداعياته الخطيرة،بعد أن تسربت الى نفوسنا واستقرت  بدواخلنا والسبب.؟ لانها ولدت وترعرعت وتشكلت على هذا النحو المشوه عبر مراحل طويلة من ذلك الصراع الموروث والمحتدم بين جميع الأطراف على أمتداد خارطة الزمن فصارت ثقافة وحالة أصيلة تتجسد أمامنا في كل لحظة من لحظات حياتنا ناهيك عن حالة الشد والجذب بين المتصارعين.
لينتج هذا النزيف المستمر والمتدفق في نهاية المطاف عن وجوه وأسماء وتيارت وحركات جديدة أنخرطت في هذه اللعبة أو الملهاة الشيطانية فنجدها متوثبة تتحين الفرصة المؤتية لتنقض بعدتها وعديدها على هدفها المنشود طامحة بالوصول الى سدة الحكم ودخول التاريخ من أضيق أبوابه ومن ثم التشبث به بأي طريقة كانت ممكنة ومتوفرة يمكن أستخدامها ومهما كان نوعها. خسيسة ، دنيئة قذرة ، غير شريفة ، كل ذلك لايهم.! لأن الغايه تبرر الوسيلة.
هذا هو المبدء العام والسائد المتعارف عليه في فقه السياسة، وهناك فئة أخرى في المقابل لا تقل عن الأولى وضاعة وشذوذاً، متمسكة بالحكم بكل الطرق الممكنه والغير ممكنه وكما هو متعارف عليه ومتبع في فقه الوراثة وتحت كل المسميات والأقنعة ان كانت جمهورية أو ملكية أو أمارة .! فالكل متشابهون في اليآت العمل والأهداف.!!
وجميع هولاء لا أستثني منهم احداً يخوضون يومياً بأدق تفاصيل ومفردات هذه المعمعة السقيمة. مع ميّل شديد وأكيد الى ترجمة الوقائع والأحداث الجارية على أنه صراع من أجل الدفاع عن مبادئ وحقوق البشر الأساسية مثل الحق والكرامة والحرية.! علماً ان حقيقة الوضع وجوهر الصراع المتأجج بين الجميع يقول غير ذلك.!!فهو صراع من أجل الزعامة والنفوذ وسحر المناصب والكراسي.! أما ما يطرح بالواقع على الملأ فهو مجرد شعارات ديماغوجية تطلق بأستمرار كلما أقتضت ضرورات المرحلة وفلسفة العمل السياسي المتبع حالياً.!! ولهذا السبب نجد الجميع يردد سمفونية الكذب عبر خطاب مفعم بالكراهية ليتكرر المشهد ويستمر تداوله بنجاح ساحق .!!
وبالطبع هناك جهات مستفيدة من هذا الوضع الشاذ القائم الأن فهي تغذيه وتديم بقائه أطول فترة ممكنة لأنه يستهوي طموحاتهم المعطوبة خصوصاً باعة الحديث المتجولين بين تلك القنوات، أذ تستفز مشاهد الدم والأقتتال قرائحهم وتستنفر معه شهيتهم الشرهة دوماً وأبداً للتشويه المفبرك فيحضرون وتمتد أعناقهم مع كل أزمة تضرب المنطقة.!  عبر سمفونية خطاباتهم الكارثية ليزدهر فيها سوق المزايدات ليتم بعد ذلك وعبر بازار متنقل ومزاد علني مفتوح ترويج بضاعة كاسدة  وفاسدة من المفاهيم المغلوطة الغير مفهومة بل حتى الغير قابلة للتصديق.!؟
مفاهيم عفا عليها الزمن ودثرها منذ أمد بعيد جداً يتم أحياها وأعادة أنتاجها من جديد لتعمم على الجميع ليستمر معه نهج التعمية ومسلسل أخفاء الحقائق وتغيبها على أوسع نطاق كمبدء عام متسيد على الساحة.؟
تتحول فيه عقول المتابعين الى صحون لاقطه من دون ( رسيفر) تستقبل الأشارات بسرعة عالية وبدون أدنى فلترة لهذا الخطاب أو تلك المعلومة.! وهذه هي الكارثة التي ما بعدها كارثة.! وعلت العلل تكمن أصلاً في (تحوير دور المتلقي) الذي أشتغلت عليه السلطات النيرونية الحاكمة بالتناوب ردحاً طويلاً من الزمن بقدرة وكيفية عالية حتى تبدد محتواه الفكري وسلبت منه قدرته على التفريق بين الصحيح والسقيم وأختلط عليه الحق والباطل
من خلال خطه مدروسة وآليات عمل ثابته وجرعات مركزة من الترهيب والتجويع والقتل المنظم وبالمحصلة الطبيعية والنهائية أنجبت لنا هذه الخطة (وعي تلقيني )؟ أذ ببركة هذه المحطات تحول المستمع بقدرة قادر الى مردد نغمات محلي ياخذ المعلومة ثم يقوم باعادة بثها مرارا وتكرارا وبالمجان.؟
ومع مرور الوقت أصبح (عزيزنا المستمع والمشاهد) مروج أفكار ومعلومات مزيفه من حيث لا يدري ومن دون أدنى وعي.! ليدور بعدها الجميع في نفس مدار وفلك الأقمار الأصطناعية والمعلومة المرسلة عبر الفضاء.!؟
أما الجهة المرسلة فهي تستخدم دائماً ذات التردد في خطابها التمويهي عندما تصف حالها وتطرح مظلوميتها المصطنعة وما تعانيه على يد الطرف الأخر.؟ وفي نهاية المطاف نبقى نسمع ونشاهد كلا الطرفين يتشدق بمعين لا ينضب من قاموس الشعارات وخزين نوعي من الأتهامات الجاهزة والمعلبة تطلق من قبل أحدهم ضد الأخر عبر قنوات الأعلام المتعددة والمنتشرة لتجد طريقها الى أذان المتابعين المصغية دائما لهذه الترهات، وتسري بسرعة مذهلة بينهم مثل النار في الهشيم...
ولا أدري كيف يجد المتلقي الوقت الكافي لهذه الترهات حين يخصص مساحة كبيرة من حياته لمتابعة الأخبار؟، رغم قعقعت السلاح وأزيز الرصاص وتلك الأشلاء الممزقة ورائحة الموت المنبعثة ومشهد الدمار المسيطر وسيل الاكاذيب المنتشرة أينما يولي وجهه.
فعلى سبيل المثال نجد الطرف الاول وهو الحاكم ونظامه: يرى نفسه ملزما بالدفاع عن حقوقه ومكتسباته السياسية المورثة كابر بعد كابر وبكل الوسائل المتاحة وغير المتاحة.؟ حتى لو أدى ذلك الى حرق النسل والحرث.
أما الطرف الثاني وهو المعارض: فيجد نفسه ملزما أيضاً بممارسة حقه بالتغيير الشامل لكل أشكال السلطات الحاكمة في المنطقة، لما أختزنت الذاكرة الجمعية للشعوب من فواجع ومآسي وأضطهاد على أمتداد الدهور وعلى أيدي هذه الأنظمة الشمولية تحديداً.. فتخول لنفسها فيما بعد مشروعية الأستعانة بكل ما هو متيسر من دعم خارجي وداخلي بالمال والسلاح وحتى بالمقاتلين.؟ فكل شي مباح وجائز ما دام يصب في وعاء التغيير، وبألنهاية كلا الطرفين يجير الحق الى جانبه ويتمترس خلفه بصلابة وفق القواعد والمبادئ المكيافيليه الدارجة في زماننا الحاضر.
وأخيرا تتحول هذه الحشود المترقبة الغير واعية في أغلب الأحيان الى فريقين أو حزبين منشطرين على أنفسهم ما بين مؤيد لهذه الجهة ومتعاطف معها، اومعارض لتلك الجهة وحانق عليها، والجميع ينظر الى الأحداث الجارية الأن على أرض الواقع من خلال خرم أبرة مع الأسف.!!
أذا أين الحقيقة. ؟؟ الجواب عندكم لأني ساتوقف عند هذا الحد وأترك لكم متعة البحث ولذة أكتشاف الحقائق المغيبة أترككم مع تلك المفردات النورانية وهي بحق أكسير الحياة أترككم مع ( بقية الله ) و( صاحب الزمان ) و( الحجة أبن الحسن ) لتمتلأ أركان حياتكم  بعظمة ونور ذلك الأمل المنشود فيغنيكم عن حبائل الساسة وقذارات السياسة الأبليسة.؟ فهو أصل الوجود وأرادة المعبود فهو تكليف رباني قبل إن يكون أختيار أنساني...
لذا دعونا نقف وقفة صدق مع أنفسنا.. نتأمل.. نقترب بعمق منه ومن ملكوته.. نتعرف عليه أكثر نتحسس وجوده ليقودنا الى بر الأمان والفوز بلقاء وجه الله. أوليس هذا هو كلام المعصومين المذكور في الزيارة الجامعة الكبيرة حينما نقراء  ( فالراغب عنكم مارق واللازم لكم لاحق والمقصر في حقكم زاهق والحق معكم وفيكم ومنكم واليكم وأنتم اهله ومعدنه وميراث النبوة عندكم وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم )
اترككم مع هذه المفردات البهية ودلالاتها الألهية المحملة بالمعاني العميقة أنه فقط كلامهم وحدهم دون غيرهم... فقط من العترة الطاهرة ننهل ومع المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين نسير عندها تيقنو أنه ستتفتح لكم أبواب ونوافذ جديدة تفيض عليكم وتجللكم بمعرفة حقيقة الحقائق وتلتمسو بقلوبكم  قدسية سر الأسرار لتكتشفو أن ما من حدث يحدث الا وله علاقة سببية وعلة قوية متصلة معه بوشائج عميقة لا ينفصم عراها، تشي وتصرح في كل لحظة من لحظاتها العامرة بالولاء والعشق معلنة مهللة بأسم القادم الموعود الذي طال أنتظاره ...
والى أشراقة أخرى أستودعكم الله خير الحافظين.