وقفة تأملية لواقع العراق السياسي
جدلية اخفاق الحكومة وهوية العنف فيه.؟؟
الجزء الأول


تأملات من وحي الفجيعة:
بأي وجه وبأي حال جاءتنا التوافقات السياسية... بدماء وأشلاء تفترش الطرقات... أم بظلال حزن يخنق العبرات... ام بوجوه صّبية سلبت ابتسامتهم غدراً كواتم الصوت والعبوات... لتنحر أرواحهم بفرحة الوطن غيلة عواصف المفخخات .
بهذه الكلمات الشاحبة يتمتم الناجون بمآساتهم ... بجرحهم الراعف بشجنهم الغائر المصبوغ بلون الدم يلهجون.. وضحايا المحاصصة المتدثرين بالاكفان يصرخون أهذا جزاء الوثوق بكم يا ساسة الزمن الصعب.
في بلاد النحرين تغادر الحياة أمكنتها كما تغادر العصافير أعشاشها بمواسم القحط.. في وطني تهرول الروح بعيدا عن الجسد ساعة اللقاء.. بحشرجة المذبوح يردد أهل الولاية سفر آهاتهم كترنيمة حزن مع كل فجرا عنيف يستهدفهم .
بلغة العاشق يواجهون الاقدار.. بفرح البراءة يداعبون نهارهم الحافل بتشكيلة منوعة من المفخخات والديناميت وفرق الموت.. وعند المساء حينما تأوي الروح داخل جدرانهم الحزينة.. يتمدد هزيع ذلك الليل الثقيل نكاية بهم. لتتكدس همومهم فوق وسائد محشوة بصور الاحبة مطرزة بخطوط طويلة من الدم المهدور.. يرتشفو كأس فجيعتهم حتى أخر قطرة والى حد الثمالة... وبعد عناء يلتحفو أشلاهم المغموسة بالوجع، أملين ان يصحو على وقائع يوم مختلف خالي من الموت.
بهذا النسق الجنائزي تتهافت فوق أرض الولاء فصولا متخمة من العبث ألامعقول...تصب أهوالها ومصائبها ومرارتها صباً مع إشراقة كل شمس.. لترسل خيوط دخانها الاسود معلنة عن بدء يوم مميت.
يبدء سيناريو الصخب مع الفجر، يأتي كعادته ساعياً محملاً بهداياه الملغومة وبطاقات حمراء نقشت حروفها بمدادٍ من دم الأبرياء.. معنونة الى فئة واحدة حصراً تطرق أبوابهم لتهديهم توابيت الموت عنوةً على الهوية من دون استذان.؟
وطناً تتوالا عليه صباحات مبهمة... تترأى امامه طوابير طويلة تجوب خارطة حقوله المخضرة فتحيلها الى صحراء قاحلة يجوس رمالها عرباناً ملثمون محملين بحقد أعمى يرتلون حروفا مشوهة. يضج عنده الضحايا بحرقة المذبوح الى بارئهم متسألين لما جاءو وعن ماذا يبحثون .؟؟
عن إمارة تبيح لهم باسم الدين القتل الحلال.!! ام عن شريعة محرفة يستبيحون من خلالها الحياة... يطلبون ماذا.!! جنان خلدا مع وجبة عشاء وانهار جارية من خمرا مباح وسبعين من حور العين الحسان.. فشحذو سكاكينهم العمياء.. يجمعون مهورهن عبر رقاب الأبرياء.!؟؟
هكذا عرفناهم سابقاً وها هم قد عادو الينا حاضرا، مخبئين تحت عباءتهم أطنان البارود متشحين بسموم عتيقة تحث الخطى مسرعة تمتطي ظهر زماننا الغشوم. تتنقل عبر أصلاب نجسة تنهل ديمومة بقائها ومفردات تراثها من أمة لعوب فاجرة حملت بين أحشاءها نطفة ابليس المُركبة من سفاح، لتلد أثامها فوق أرض الآل والأنبياء.
انسلو زاحفين من جوف رحمها.. مسوخاً شيطانية على هيئة البشر يبثون حقدهم الموروث على الشيعة في كل عصر وأوان .. لتأتي جرائمهم مذيلة بتوقيع القاتل المشترك الأكبر، أحفاد السقيفة والطلقاء من بعث الاجرام والسلفية الوهابية.!!
السقيفة هنا لا يرفض وجودها الا من كان في عقله خلالُ .. السقيفة هنا نقولها مدوية حتى يسمع من به صممُ.؟ موجودة بيننا لم تندثر.. باقية بجميع طقوسها، بابعادها، بمنهجها وبفعلها النصاب يفتخرو.
حاضرة تنبض بالحياة تطل برأسها الثعباني زاحفة بكل تفاصيلها بألامها.. ملتزمة بذلك العهد المكتوب منفذةً لبنود اتفاقها المشهود.. منذ ذلك اليوم المشؤوم والى يومنا هذا والدليل على بقائها هو حجم وكثافة الدم المسفوح ظلماً وعدوانا فوق تراب الوطن.
السقيفة هنا رغم اعلان المغفلون عن موتها.. لازالت حية تتلوى تتنفس أرواحكم دماءكم... تقف على قدميها معتدةً بذاتها بذاك الصلف والجبروت المعهود. أنيابها تقطر بغضاً تستعرض سيناريو الخديعة وفصولاً طويلة من الجحود.. لتبقى شاهداً وتذكارا ًعبر كل الازمان والعصور.
ملامح شخوصها هي ذاتها لم تتغير من زُفْر وحُتر وإن أختلفت الأسماء والأسمال...الأدوات هي ذاتها وإن اختلف الوقت وتعددت الأنواع .. القتلة هم القتلة لم يتغيرو.! والضحايا هم الضحايا ذاتهم لم يتغيرو.؟؟
فمن يجرؤ على القول ان السقيفة ماتت ودفنت بغير رجعة.! من يجرؤ على القول أنها مجرد مصادفة.!! أي مصادفة تلك التي تستمر أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمن.؟؟ والاحفاد على خطاها يتسابقون. أي منطق أرعن يجبرنا على تحمل ترهاتهم ... أفيقو أيها الساهون من غفلتكم.. وانتم أيها الحاكمون أفيقو من سكرتكم.؟ وأنتم يا من تدعون القيادة السياسية ماذا دهاكم كيف تحولتم بين ليلة وضحاها الى خشب مسّند صماً.. بكماً.. عمياً .. لا تعقلون.!!

حقائق واقعية :
بهذا الحقيقة الفاجعة وحشرجة الوجع الدفين وهو يزاحم العبرات تهتف الأمة من أقصاها الى أقصاها بشيبها وشبابها بنساءها واطفالها وهم يستصرخون ضمير الحكومة العراقية الغافية على وسادة المصالحة الوطنية متـــــسائلين.؟؟
لأجل من منحنا صوتنا وتحدينا الصعاب.؟؟وجابهنا العوائق بصدور عارية تستقبل زخات الرصاص كما تستقبل الأرض زخات المطر.!!
أو ليس من أجل هذه الحكومة وقفنا باصرار وثبات  أدهش العالم بأسره..  نلوح بسباباتنا الملونة فرحاً بمن أخترناهم.. باذلين أنفسنا وأهلينا مقدمين قوافل الشهداء والتضحيات الجسام الواحدة تلو الأخرى.. نشد على أضراسنا تصبراً وتجلداً متحملين ذلك الألم الغائر... متحدين موجات القتل والتهجير والتهديد المنظم بحقنا طويلا.!! فمن أجل من يا ترى.؟
أو ليس من اجل إيصال هذه الحكومة الحالية الى سدة الحكم بتفويض شعبي وعرس كرنفالي منحها الثقة عبر صناديق الاقتراع .!! لتعمل الحكومة على أساسه بحرص واندفاع من دون تلكؤ أو ابطاء ، والأمل يحدونا بأن تعيد هذه الحكومة حقوق غالبية الشعب المغتصبة من قبل الأنظمة الاستبدادية المتعاقبة عليه منذ عشرات السنين لتلبي تطلعاته وتحقيق طموحاته بعد صبر ومعانات طويلين.؟؟
أين أصبحت هذه الحكومة المنتخبة.! التي وعدتنا بالقضاء على الارهاب وضرب أوكاره وحواضنه وقطع دابره وحصد رؤوس الشر بيد من حديد بغية اعادة الأمن والاستقرار لربوع وطننا المباح.؟؟
بأي جب غطست هذه الحكومة.! التي أقسمت بأغلظ الأيمان على العمل الجاد والسريع من خلال ميزانية انفجارية تؤمن فيها قوت المواطن وتحفظ كرامة الشعب العراقي الموالي ليحيا معززاً منعماً  بخيراته وثرواته تحت مظلة دولة القانون والمؤسسات .؟؟
لماذا بلعت الحكومة وعودها.! بعد ان عاهدتنا على اعمار الوطن وبنائه عبر انشاء بنية تحتية متكاملة من شبكات طرق ومواصلات حديثة وشبكة اتصالات متطورة واقامة منظومات الطاقة الكهربائية التي تضيء سماء الوطن الغارق بالظلمة والسواد والدخان . ناهيك عن عنصر الحياة الرئيسي وهبة الله لخلقه وهو الماء الصالح للاستخدام البشري.؟؟
عشر سنوات عجاف مضت وأرواح العراقيون الشيعة لا زالت تزهق.؟ عشر سنوات وحكومتنا تمضي جل وقتها بملهات المصالحة ألا وطنية والدم العبيط يسيل.؟ عشر سنوات مضت مكللة بعمليات أمنية فاشلة الى حد الخجل المجلل بالألم والأحباط.؟ عشر سنوات مضت والارهاب فاغراً فاهه يلتهم أحلامنا ويمضغ أرواحنا مطمئناً هانئً يمارس هوايته المفضلة بآمن وسلام !! فهل تعلمون لماذا يا شيعة أهل البيت.؟
لان السلطة مشغولة بمعالجة ذلك الخطاف الذي علق بخياشيمها بعد أن بلعت طعُم المصالحة والتوافقات المخزية.!؟؟ لتنطلي عليها الحيلة كما انطلت مكيدة السقيفة على الأنصار.. لتنسحب الحكومة ملتوية على نفسها تاركة شعبها يواجه الموت الأحمر لوحده من دون أن يرف لها جفن أو يهتز لها شعرة من شارب حياءً.
الا تشعر الحكومة بالخجل وهي تشاهد جسد طفلاُ بريء لوث وجهه الناصع سخام المتفجرات بعد أن مزق عصفها الناري ثوبه الجديد لتحيله الى قطع متناثرة تفترش ذلك الاسفلت المحترق... فلم يبقى منه سوى كفه الغض ماسكا بقطعة حلوى تأبى أن تفارقه وفاءً له ساعة العسر.. لعلها تسليه وتخفف عنه وطأة الانتظار لحكومة ما تأخذ بثأره.!؟
فهل بعد هذا النفق المظلم من نهاية.؟ هل بعد هذا النفق الزاخر بالمآسي ومشاهد الموت المتنوعة وهو يجثم متربعاً فوق صدورنا، يكتم أنفاسنا ويخوض متلذذاً بدماءنا ويطرب لأنين تأوهاتنا.. من خـــلاص.!؟
الم يحن الوقت لكي تفتح الحكومة ذراعيها لتحتضن شعبها بمصارحة  علنية وشفافية مطلقة؟؟؟ خصوصاً مع من انتخبها وأوصلها الى سدة الحكم.!! لتقدم له بصورة طائعةً أجوبة شافية وافية تتطلع لها قلوب حرا وأفئدة مفجوعة بحجم الخيبة واليأس المريرين وحجم المَقلب الذي تعرضو له ولا زالو واقعين تحت تأثيره بسبب تقاعسها.!!
الم تفكر الحكومة للحظة واحدة بممارسة النقد الذاتي البناء لتقويم طبيعة أداءها والاستفادة من الأخطاء الكارثية والمطب التاريخي الذي أوقعت نفسها فيه وجرت البلد اليه .!!!
لماذا لا تجرؤ الحكومة على المكاشفة والاعتراف بالخطأ مع الاشارة الى مواضع التقصير كنوع من التكفير عن الذنب وطلب الصفح من الاف الضحايا وذويهم كخطوة ايجابية تخطوها الحكومة من جانبها لتضيمد جراح من انتخبها.!؟
متى تتحرك الحكومة بصدق.!؟ لتوقف نزيف ذلك الدم المتدفق نحو عنان السماء لتبرهن مرة أخرى انتماها لهذه الشريحة المضطهدة المنكوبة التي تمثل ثلاث أرباع سكان العراق، فتتمكن من استعادة ثقة الشعب بها  أو تستعيد جزءً من كرامتها الضائعة على أقل تقدير أو بأضعف الايمان تستعيد تلك الابتسامة اليتيمة التي غادرت وجوه الأطفال بعد أن محا الرعب والتوجس ملامحهم البريئة .!!
بهذا القدر من الأسئلة نكتفي لنضعها بين يدي الحكومة، لربما تشعر بالخجل مرة واحدة في حياتها فتجيب.. فقد طفح الكيل ونحن ننظر الى  قائمة مفرداتنا مثل  أين.. ومتى.. ولم.. ولماذا.  مركونة على هامش الحياة كطفل لقيط منبوذ يتوسل المارة.. مللنا كثيرا من تجاهل الحكومة  لأصواتنا التي تحولت بصورة تراجيدية الى سمفونية حزينة من سفر الألام  مثقلة بقافية طويلة من علامات الاستفهام والتعجب مفتوحة على امتداد الزمن... يتردد صداها فقط على الورق.
وها نحن نعود للتساؤل من جديد كما يبدو.. هل عدم الجواب من قبل الحكومة يكمن بسبب حظنا العاثر.! أم هو سوء توقيت.! أم أنها طرحت في بقعة حزينة من الأرض تسمى العراق.! هل أسئلتنا عصية على الفهم الى هذا الحد.؟
وأخيراً وليس آخراً هل حكمت يد القدر على أستفساراتنا أن تبقى مشرعة من دون أجابة محددة نسمعها.؟؟ هل ستبقى تسأولاتنا حبيسة الجدران تمور بين الضلوع يهتف بصداها ذوي الضحايا الذين سقطو صرعى تحت أنظار حكومتنا الباسلة.!؟؟ الى متى سيبقى الجواب معلقاً .. أجيبونا .. أفيدونا.. لكن لاحياة لمن تنادي فحكومتنا الوديعة غافية تحلم بالمصالحة والريح تداعب أطرافها السفلى.!!
لكن لتعلم الحكومة جيداً بأن الشريحة الكبرى والأعم من أهل العراق لن تسمح أو تستسلم وتتغاضى عن حقها من الآن فصاعداً.. بل سيواصل شعبنا الموالي نضاله.. يطرق بعناد بوابات الفاشلين المحصنة في كل لحظة وفي كل ساعة.. سيبقى  الشعب يصرخ بصوته مدويا.. لعلهم يستفيقو ذات يوم من سباتهم الدائم بعد أن مُلِئت أذانهم وقرا.
سيواصل الهتاف حتى تسمع الحكومة صرخات المحرومين ونداءاتهم المتكررة لينهضو من جديد وينفضو عن كاهلهم تراب الخوف والتردد ليفتحو بابهم الموصد بمتاريس ضخمة وأطنان هائلة من انجازات ورقية وهمية لا أثر لها في واقعنا المعاش.!! لكونها بالاساس لا تتعدى دائرة الادعاءات التشويشية الفارغة بهدف التعمية وذر الرماد بالعيون.. كحالة أصيلة تتسم به دوماً وأبداً سيرة وحياة هذه الحكومة الساهية الركيكة الفاشلة.

                   للموضوع تتمة نراكم قريباً أنتظرونا...